تخصيص مليون جنيه للمستحقين.. «ليلة القدر» تحتضن عمال محاجر المنيا

ثلاثة أيام قضاها باحثو مؤسسة مصطفى وعلي أمين الخيرية «ليلة القدر» مع عمال المحاجر في قرى شرق المنيا لرصد احتياجاتهم، ودراسة حالتهم الاجتماعية، كل حالة  على حدة، حيث تم طرق باب منزل كل عامل بالمحاجر، ورصد معاناته ونقل طلباته إلى مسئولي مؤسسة ليلة القدر.

كانت البداية من قرية «السرارية» التي تقع على شرق النيل، حيث يتراوح عدد سكانها من 10 إلى 15 ألف نسمه، لا يخلو بيت من عامل أو عاملين بالمحاجر، فليس هناك مهنة سوى العمل في المحاجر، فلا توجد زراعة أو تجارة أو حتى صناعة بالقرية.

تجولوا داخل القرية المكتظة بالسكان، وكان الأمر الغريب تواجد كبار السن والأطفال والسيدات فقط في عدد من المنازل، وعندما سألوا عن عمال المحاجر، كانت الإجابة «تعالوا بعد العصر».

انتظروا في القرية حتى أذان العصر، ثم بدأوا يشاهدون سيارات نصف نقل تحمل العمال إلى منازلهم، اقتربوا منهم، وبدأوا في طرق أبواب منازلهم  للتعرف على مأساتهم ورصدها.

لم يستطيعوا تحديد ملامح وجهه، من كثرة الأتربة التي انتشرت على جسده  بسبب العمل في المحاجر .. نافع حزين، 47 عامًا، أب لـ 5 أولاد في مراحل سنية وعمرية مختلفة .. يقول «يوميًا أذهب صباحًا إلى المحاجر للعمل فى صناعة الطوب الأبيض.

ويضيف أتقاضى من 50 إلى 70 جنيهًا يوميًا، وهناك أيام لا أذهب فيها للعمل بالمحاجر بسبب ظروف مرضية، ونصحني الطبييب بعدم العمل المتواصل في المحاجر، لخطورته على عيني».

ويشير «أولادي في مراحل تعليمية وعمرية مختلفة، وليس هناك عائل .. كما إنه لا يوجد معاش أو تأمين أو حتى وظيفة».

رغم إصابته بأمراض القلب والصدر إلا أنه يصر يوميًا على الذهاب للمحاجر وذلك لتوفير قوت يومه لأسرته .. بدموع تسبق كلماته،  يقول صلاح محمد عبد العليم، 50 عامًا: الحياة صعبة، والعمل أصعب، والعامل لايستطيع أن يقف 5 دقائق داخل المحجر بسبب الأتربة والكيماويات التي قد تصيبه بأمراض الصدر وتفقده البصر».

وتابع «محتاجين رعاية..ويضيف «في ناس بتموت في المحاجر محدش بيسمع عنهم حاجة، هناك من يفقد ذراعه أو قدمه من العمل».

وشرح حسن على طريقة العمل في الجبل، قال: تقوم المعدات بتقطيع  مسطحات عالية في الجبل وبعدها تأتى الفصالة وتقوم بتقطيع الطوب بمقاس 12.5 × 25 سم».

واضاف «ثم تقوم الحشاشة بإخراج الطوب بعد أن قامت الفصالة بقطعة ويقوم العمال بحمله ووضعه بعيدًا عن مسار آلة الحشاشة، ثم يأتي دور الحمالة من الأطفال الذين يقومون بتحميل قوالب الطوب على السيارات لتوزيعها على التجار».

وقال أنه أثناء نقل الطوب سقطت قطعة من الجبل على قدمه، وتم بترها، ومنذ ذلك اليوم وهو لا يترك بيته وليس له مصدر دخل، سوى مساعدات الأهالي».

وأشار إلى أنه ليس هناك اهتمام بمصابي وضحايا العمل في المحاجر، هناك فقط من يحملهم إلى المستشفى ولكن ليس هناك من يرعاهم بعد العلاج».

أكد أحمد سعيد أن معاناة عمال المحاجر كبيرة، فالجبل هو رزقهم الوحيد، ورغم ذلك هناك عمال مرضى ومن تم بتر يده أو قدمه وهناك المصابون بأمراض الصدر والقلب، وكذلك من فقد بصره بسبب الحجارة المتطايرة من ماكينة التقطيع .. فهم يعيشون في مأساة.

وتابع «في الحقيقة.. مؤسسة مصطفى وعلي أمين الخيرية كانت سباقة في مساعدة عمال المحاجر بقرى شرق المنيا، هي المؤسسة الوحيدة التي  طرقت باب منزل كل عامل، ورصدت مأساته وقدمت له المساعدة  المادية التي تعينه على إقامة مشروع يدر عليه دخلا».

لم تتوقف جولتهم عند القرى التي تجاور النيل، بل كانت المأساة في أصعب صورها، متمثلة في قرية السلام، التي تحتضن الجبل، فليس هناك ماء للزراعة ولا مظهر حياة، فقط بيوت ريفية وأطفال يلعبون داخل القرية .. في حين يتواجد الآباء في المحاجر.

بدأت الجولة ببيت ريفي يقع أعلى منطقة الجبل، يسكنه شاب في منتصف العقد الثالث من العمر، لديه 4 أطفال،  ومصاب بحساسية على الصدر.

يقول محمد إبراهيم: لم يعد هناك طاقة للعمل، فقط يومين أذهب للمحاجر، وأجلس 5 أيام في البيت للعلاج.

ويضيف «أولادي في مدارس مختلفة، وبسبب ظروف مرضي، ترك ابنى الأكبر أحمد  المدرسة، وهو يذهب يوميًا للعمل في المحاجر».

ويشير محمد «لا أريد علاج، اتمنى أن يستمر أولادي  في مدارسهم،  هذا هو حلمي وأملي الوحيد».

«مشهور في قريته بأبو الولاد»، أب لـ 7 أولاد،  كما يقول عطا إبراهيم أن حملهم  ثقيل أهلك صحته، وجعله يذهب يوميًا  للمحاجر للبحث عن مأكل ومشرب لهم.

ويضيف «حالتي الصحية لم تعد تحتمل العمل ليلا ونهارا، وأولادي تركوا المدارس وذهبوا  للعمل فى المحاجر، فالأوضاع صعبة ويجب أن تنتبه لنا الحكومة وتؤمن علينا وتوفر لنا مرتب ثابت».

يقول سعيد فوزى إنه فقد بصره بسبب العمل في المحاجر حيث تطايرت قطع من الرخام في عينيه، ومن يومها وهو فاقد البصر ولا يخرج من البيت.

ويضيف «لدي 4 بنات يعيشون معي، وليس هناك مصدر دخل ثابت سوى معاش تكافل وكرامة، ومساعدات الأهالي».